العنصرية في ملاعب كرة القدم- آفة تتجدد وجهود لمكافحتها

المؤلف: فهد صالح (جدة) fahadoof_s@10.04.2025
العنصرية في ملاعب كرة القدم- آفة تتجدد وجهود لمكافحتها

إن الحديث عن التمييز العنصري ضد الأفراد الذين يختلفون في لون بشرتهم، أو دينهم ومعتقداتهم، أو أصولهم العرقية، أو حتى في بعض الخصائص الجسدية، لا يزال مستمراً ولا ينقطع. لقد شهدت السنوات الأخيرة العديد من الحوادث المؤسفة في ملاعب كرة القدم وغيرها من الساحات الرياضية، مما يعكس تفشي هذه الآفة القديمة، هذا المرض النفسي والاجتماعي الذي يتجدد باستمرار، وذلك على الرغم من الجهود المضنية التي تبذلها المنظمات والاتحادات الدولية والمحلية للحد من انتشاره. ممّا لا شك فيه أن رياضة كرة القدم أصبحت بؤرة للعنصرية بشكل أكبر من أي نشاط رياضي جماعي أو فردي آخر. فقد أصبحت المتعة التي تغمر قلوب اللاعبين والمشجعين مفقودة بسبب الهتافات البغيضة والكلمات النابية. فالأخلاق الرياضية تأتي قبل المنافسة الشريفة، ومع ذلك، يسيء بعض الأفراد إلى هذه الرياضة الجميلة من خلال ممارسات مشينة وغير أخلاقية. وعلى الرغم من الحملات والمساعي المبذولة لاستئصال جذور العنصرية، فقد تورط العديد من اللاعبين في مثل هذه التصرفات المشينة عبر التاريخ في أوروبا، وقد تفاوتت حدة هذه الممارسات العنصرية من عقد إلى آخر، وغالباً ما يتعرض اللاعبون ذوو البشرة السمراء لأبشع أشكال التمييز والعنصرية. تتوالى الحوادث العنصرية وتتزايد بشكل ملحوظ، ويتذكر الكثير من المراقبين حادثة المدرب الإسباني لويس أراغونيس الشهيرة في عام 2004، عندما تم الكشف عن تصريحاته المسيئة بحق تييري هنري، زميل خوسيه أنطونيو رييس في نادي آرسنال، حيث قال: "مرر الكرة إليه، ثم اجعل ذلك الأسود اللعين يراك ويعرف أنك أفضل منه". أثارت هذه الحادثة ضجة إعلامية واسعة النطاق في بريطانيا، وطالبت وسائل الإعلام بإقالة أراغونيس من منصبه. حتى النجم المصري الشهير محمد صلاح، لاعب فريق ليفربول، لم يسلم من شرور العنصرية، وذلك على الرغم من الإنجازات الكبيرة التي حققها لفريقه. فقد انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يظهر فيه جمهور تشيلسي وهم يرددون هتافات مسيئة في محطة للقطارات، قائلين: "محمد صلاح مفجر إرهابي!". وعلى الرغم من أن عمر لاعب ريال مدريد الإسباني فينيسيوس جونيور يبلغ 20 عاماً فقط، فقد تعرض لانتهاكات عنصرية متكررة هذا العام، سواء من قبل المشجعين أو اللاعبين المنافسين. وقد تحولت مباراة المنتخب الإنجليزي ضد مضيفه البلغاري في تصفيات يورو 2020، والتي انتهت بفوز منتخب "الأسود الثلاثة" بنتيجة 6-0، إلى مسرح للعنصرية والهتافات السياسية المشينة من قبل بعض جماهير البلد المضيف، حيث أطلقت هذه المجموعة من الجماهير أصوات القرود وأدوا التحية النازية، مما أدى إلى توقف المباراة مرتين. حماية كرة القدم يبذل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جهوداً جبارة للحد من ظاهرة الإساءات العنصرية التي يتعرض لها اللاعبون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك تعاون وثيق بين الفيفا والنقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو) لمكافحة خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي. صرَّح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، السويسري جياني إنفانتينو، قائلاً: "من واجبنا حماية كرة القدم، وهذا يبدأ بحماية اللاعبين الذين يمنحوننا الفرح والسعادة من خلال ممارستهم لكرة القدم". وأضاف: "للأسف، هناك اتجاه متزايد نحو التعليقات غير المقبولة التي تستهدف اللاعبين والمدربين والحكام والفرق على قنوات التواصل الاجتماعي، وهذا الشكل من التمييز، مثله مثل أي شكل آخر من أشكال التمييز، لا مكان له في كرة القدم". وأوضح قائلاً: "بالإضافة إلى ما يتم رصده على وسائل التواصل الاجتماعي، وما يتم مراقبته داخل الملاعب بالفعل، فإننا نريد أن ننتقل من الكلام إلى الأفعال، ونتخذ تدابير ملموسة لمعالجة المشكلة مباشرةً". وأشار إلى أن الهدف من هذه الجهود ليس فقط حماية كرة القدم وتجنب الآثار الضارة لهذه التعليقات المسيئة، بل أيضاً تثقيف الأجيال القادمة التي تشارك في فعاليات كرة القدم على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الملاعب. تجدر الإشارة إلى أن العقوبات المفروضة في المسابقات والبطولات التي تتبع للاتحاد الدولي لكرة القدم، تنص على فرض حظر جزئي على الجماهير التي ترتكب انتهاكات عنصرية. وتتم مضاعفة العقوبة لتصل إلى خصم النقاط أو الاستبعاد من المسابقات في حال تكرار السلوك التمييزي.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة